Special Night الاداره العامه
المساهمات : 144 تاريخ التسجيل : 14/01/2009
| موضوع: قصص قصيره بقلم الياس عنتر (الجزء الثانى ) الأربعاء فبراير 25, 2009 3:39 pm | |
| نشرت هذه القصة القصيرة في جريدة الحياة اليومية والتي تصدر من لندن, بتاريخ 29 تموز 1994 العدد 11485
إلتهم حمار جائع مجموعة كتب صفراء ثمينة جداً, تخص تاريخاً مجيداً لحضارة كانت سائدة ذات يوم, ولها في خدمة البشرية أياد بيضاء ناصعة!! فاتهم الحمار الجائع بالتخريب المقصود, والتشويه عمداً, ومحاولة طمس تاريخ الحضارات الأخرى, ثم اقتيد إلى محكمة دولية فاخرة يتوسطها قاض مهيب, له شعر أبيض طويل, مستعار, مجعد, ويرتدي ملاءة سوداء تشبه جلد الحمير! ولما سئل الحمار عن فعلته المشينة تلك!, ومن يقف وراء هذه العملية المقصودة, نهق الحمار بصوت ذكوري عال, مما جعل القاضي المهيب ينقر المنضدة بمطرقته الخشبية الملساء, معلناً اعتراف الحمار بكل ما فعل! أما محامي الحمار الجائع, فشهق وصعق لهذا الحكم الجائر, وطلب تبرئة موكله المغبون من هذه الفعلة المشينة, لأنه لا يجيد القراءة والكتابة, ولا يعرف قدر الكتب التاريخية الثمينة, ثم اتهم الجهات التي تساهلت في السماح لموكله الجائع بأن يدخل إلى أماكن تاريخية دون حماية لائقة! وبعد مشاورات وهمسات هيئة المحكمة الدولية الفاخرة, تقرر سجن الحمار بضعة أشهر, مع حرمانه من ملذات الحياة والسماح له بتناول الأطعمة المشتقة من التبن الأصفر والعشب الأخضر فقط! بعدئذ, أمسك شرطيان بذراعي الحمار الجائع, واقتاداه إلى السجن دون أن ينادي بصوت عال: والله أنا بريء ياناس, ودون أن يذرف دمعة ندم واحدة, لكنه كان يهز ذيله الطويل نحو اليسار تارة, ونحو اليمن تارة أخرى!!
بعد الحروب الدموية والقتل وإبادة الشعوب التي حصلت في أحد الكواكب السيارة, وبين شعوب تنتمي إلى أعراق وقوميات مختلفة, وديانات موروثة, جمع الملك الأكبر كل هذه الشعوب المتقاتلة والمتناحرة في ساحة واسعة جداً من كوكبه السيار, ثم وقف فوق منصة عالية مهيبة, وقال من خلال مكبرات الصوت العملاقة: بعد أن قرأت كتبكم كلها, واستمعت إلى ممثليكم جميعاً, قررت مايلي: على الشعوب التي أضطهدت وتعرضت للقتل والإبادة أن تجتمع خلف المنصة التي أقف فوقها, والشعوب التي عاشت بسلام وأمان طيلة تاريخها, تبقى في مكانها من هذه الساحة! فتدافعت الشعوب التي اضطهدت وقتلت إلى خلف المنصة أفواجاً أفواجا, واجتمعت هناك! نظر الملك الأكبر إلى الساحة ليتفقد الشعوب التي لم تقتل وتضطهد والتي عاشت بسلام وأمان, فلم يلق سوى ساحة كبيرة ربيعية خالية, جميلة جداً, تمتد حتى الأفق وعلى مد البصر!!
نشرت هذه القصة القصيرة أيضاً في جريدة الحياة اليومية والتي تصدر من لندن, بتاريخ 29 تموز 1994 العدد 11485
قال حمار لصاحبه: أتدري يا صاحبي.. بأننا شبيهان - نحن الإثنان - جداً ببعضنا!! غضب صاحب الحمار وقال: ويحك أيها الحمار الغبي!.. أراك تقول كلام البلهاء..؟! أجاب الحمار بهدوء: إننا نستيقظ سوية, ونعمل في حقل واحد, ونأكل من ذات الحقل, وننام في ذات الوقت, وفي ذات البيت.. و.. !!.. صرخ صاحب الحمار مكفهراً: إخرس يا أيها الأحمق, فأنا إنسان عاقل وأنت حمار غير عاقل..! ضحك الحمار وقال: الإنسان يقرأ الكتب, وأنت لا تقرأ شيئاً!.. الإنسان يتنزه ويضحك مع زوجته وأطفاله, وأنت لا تتنزه ولا تضحك مع أحد!.. الإنسان يفرح للحياة وينعم بملذاتها, وأنت لا تفرح ولا تنعم بأي شيء!.. الإنسان يحلم بمستقبل أبيض, بينما أنت لا تحلم إلا بي أنا..! حينذاك, انهال صاحب الحمار ضرباً على حماره الذي كان يقهقه عالياً, ساخراً من عصا وأفكار صاحبه, وكان نهيقه - أحياناً - يتخلل ضحكاته العالية الساخرة!."
اجتمعت - ذات مرة - بعض الطبول الفارغة, وقررت أن تشن الحرب الضروس على الأقلام والدفاتر التي ذاع صيتها رغم صوتها الهامس والمنخفض! وارتفعت أصوات الطبول منادية بتحطيم كل الأقلام وحرق كافة الكتب والدفاتر حتى تتحوّل إلى رماد أسود! وظلت تلك الطبول الجوفاء تقرع بعنف في وجوه بعضها البعض, ظناً منها أنها تناقش الأمر بجدية وحماس حتى تمزقت جلودها وتحولت إلى جيفة نتنة ملقية في الصحراء! حينذاك, علم الناس في كل مكان أن صراخ الطبول لا يوقف تدفق الفراشات والعصافير والزهور من ريشات الأقلام, مثل تدفق القصائد من أفواه الشعراء.
سأل شهيد من المنطقة الشرقية شهيداً آخر من المنطقة الغربية, عن سبب غضبه وصراخه العالي, فأجابه هذا الشهيد: يبدو أنك لم تسمع بأن قادتنا تصالحوا وتعانقوا أمام شاشات التلفاز في كل أنحاء العالم؟! فأجابه شهيد المنطقة الشرقية: بلى.. سمعت!, وهذا أمر في غاية الروعة والمحبة والسلام!. رد عليه شهيد المنطقة الغربية غاضباً: أجل إنه ذلك!!.. لكن من سيمسح الحزن والألم والاشتياق من قلوب أطفالي الستة؟.. كان على قادتنا أن يفعلوا ذلك من البداية, وليس من النهاية!.. هل فهمت ما أقصد؟! هزّ شهيد المنطقة الشرقية رأسه حزيناً, وسار ببطء نحو مرقده الأبدي, وهو يشعر بشوق عارم لأطفاله السبعة!.
| |
|