موضوع: متى يكون الحب خطيئة,وما العلاج ؟ 2 السبت فبراير 14, 2009 4:48 pm
أخيتي افتحي قلبك لي ؛ ولكن قبل هذا يجب أن تكوني صادقة مع نفسك إن أردت التخلص من الطريق الخاطئ ، ومن المعاناة فاسمعي مني وتنبهي إليّ ، إن سماع النصائح للمتعة فقط حجة عليك ، فإليك كلماتي:
1/ اعلمي أنه لا تجتمع في القلب حب الله وعشق الصور يقول ابن القيم :{ فمن كانت قوة حبه كلها للمحبوب الأعلى الذي محبة ما سواه باطلة وعذاب على صاحبها صرفه ذلك عن محبة ما سواه، وإن أحبه لم يحبه إلا لله وفي الله أو لكونه وسيلة إلى محبته} ، ثم يقول :{محبة الصور تفوق محبة ما هو أنفع للعبد منها بل تفوق محبة ما ليس له صلاح، ولا نعيم، ولا حيا ة نافعة إلا بمحبته وحده فليحذر العبد إحدى المحبتين؛ بل إنه من أعرض عن محبة الله ، وذكره، والشوق للقائه ابتلى بمحبة غيره فيعذبه بها في الدنيا، وفي البرزخ ، وفي الآخرة} . كما قال الشاعر: أنت القتيل بكل من أحببته فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي وقول الله تعالى أبلغ:{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴿23﴾} سورة الجاثية ، وقوله عز وجل : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴿165﴾}.سورة البقرة
2/ حب غير الله ورسوله يلزم العبودية ؛ لأن العبودية هي حب،وخضوع أي حب ،وذل فكل ما يبغضه المحبوب لا بد من تركه (تخفي عنهم كل قبيح وتظهر كل حسن ) وتطالب كل من حولها من أهل ونحوه أن يظهروا بأحسن الأحوال عند من تهوى قال الشاعر: فما في الأرض أشقى من محب وإن وجد الهوى حلو المذاق تراه باكيا في كل حين مخافة فرقة واشتياق فيبكي إن نأوا شوقا إليهم ويبكي إن دنو حذر الفراق فتسخن عينه عند الفراق وتسخن عينه عند التلاق
3/ إن قلب المحب أسير في قبضة غيره، يسومه سوء الهوان، ولكن لقوة المحبة لا يشعر بالهوان فقلبه كالعصفور في كف طفل يسومه العذاب فعيش العاشق عيش الأسير الموثق، ويقول آخر: طليق برأي العين وهو أسير عليل على قطب الهلاك يدور
ويا للعجب من هذه الحال التعيسة تذكرنا على النقيض بالحديث القدسي :{من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته : كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به، ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره مساءته } صحيح البخاري .
4/ أن يتذكر من ابتلي بحب محرم أن هذه المحبة السيئة من البعد، والانفصال، والهجر، والحزن ومن ثم الترك ،والآلام النفسية الناتجة عن ذلك ، فهل هناك من تعرف هذه الآثار السيئة ثم تقع في حب محرم، أو حب لا يمكن تحقيقه بزواج؟
هذه المحبة المذمومة تفسد القلب، وتضعف الإرادة ولو تأملنا في قصة يوسف عليه السلام حينما دعته امرأة العزيز قائلة:{وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ﴿23﴾} سورة يوسف ، حيث توفرت أسباب الفاحشة وهي أن يوسف كان شاباً أعزباً ، غريبا ،والمرأة ذات منصب وجمال وهي التي دعته، لم تظهر من زوجها غيرة عليها ، إلى غير ذلك من الأسباب فمع كل هذا قال: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿33﴾ } سورة يوسف ، وهذا من كمال حبه لله .
5/ أنه يشتغل بمحبوبه عن مصالح دينه ودنياه. إذا استشعرت كل ما سبق عرفت حال المحب ، فإن كنت منهم فاعلم أن حبك هذا خطيئة.
أعراض من وقعت في مرض الإعجاب:-
1/ تغار على من أعجبت بها من الآخرين ولا تقبل أي أحد يحدثها أو يضحك معها. 2/ تختلق الأعذار، والأكاذيب، والمواقف للفت نظر من أعجبت بها. 3/ تهتم بنفسها فتجديها فجأة بدأت تزيد من العناية بشكلها . 4/ محاولة الاتصال بها دوما وملاحقتها في مكان وجودها. 5/ كثرة السرحان والتفكير فيها حتى تفكر بها في صلاتها والعياذ بالله وتنفعل إذا قطع عليها أحد حبل تفكيرها . 6/ تلحق بنفسها الذل لأجل من أعجبت بها فتعيش ذليلة النفس، مهانة بملاحقتها ، وتكبر المعجب عليها . 7/ كثرة الاستئذان من الفصل لرؤية معجبتها ولو نظرة عابرة. 8/ حياتها كلها هم، ونكد، وتفكير، وسرحان ،وذل، وانخفاض مستواها الدراسي، وشجار دائم مع صديقاتها .
صفات الفتاة المعجب بها:-
1/ رسائل تصل إليها من المعجبة وتفرح بها غالبا . 2/ تعرض معجبتها للإهانة من خلال إضحاك زميلاتها عليها من بعض المواقف . 3/ تتعالى عليها وتتكبر؛لأنها تعرف أنها تحبها ولن تصبر عنها،فتعيش هذه الفتاة في سعادة غامرة لمن يلاحقها بإعجاب . 4/ تهتم بنفسها وزينتها لتجمع أكثر المعجبات حولها ،وبالتالي تستلذ بإهانتهن.
وإن أردت العلاج فإليك سبل الخلاص:
1- الالتجاء إلى الله بالدعاء الصادق بالنجاة من هذا المرض الخطير، وتأكدي أن الله لن يضيعك رددي دوما " اللهم اجعل محبتك في قلبي فوق كل محبوب" , وفي جامع الترمذي وصحيح الحاكم حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعا :{ دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت { أن لا اله إلا أنت إني كنت من الظالمين} لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له} ، وفي مسند أحمد حديث ابن مسعود مرفوعا قال صلى الله عليه وسلم : {ما أصاب عبدا قط هم ولا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ، ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحدا من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ، ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي وغمي ، إلا أذهب الله همه وغمه ، وأبدله مكانه فرجا . قالوا يا رسول الله : ألا نتعلمهن ؟ قال : بلى ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن } ومن أُلهم الدعاء أُلهم الإجابة : قال تعالى :{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴿60﴾ } سورة غافر ، وقال :{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴿186﴾ } سورة البقرة .
2- تذكري غضب الله جل وعلا لمن جعل ذكر الناس فوق ذكره إذ أن المعجبة تنسيها عبادتها وصلاتها حتى صلة رحمها ووالديها.
3- تذكر عيوب المحبوب ، وقد قيل: حبك للشيء يعمي ويصم ،وقال الآخر : وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا قال ابن مسعود رضي الله عنه : "إذا أعجبتك امرأة فتذكر مثانتها " .
4 - إذا كان المحبوب رجلا فينبغي صرف القلب عنه منذ البداية ؛ لأن الفتاة لا يمكنها أن ترتبط بزواج إلا لمن يتقدم لخطبتها ، أما من يراسلها، أو تراسله ، أو تبادله نظرة ، أو كلمه في سوق أو غيره فهذا من ضعف العقل وقلة البصيرة ، ولا نزال نذكر قصة الأخت التي تبكي وتقول:رددت خطابا كثرعلى أن يخبطني فلانا الذي أعجبت به،وهاهي بطاقة الدعوة لزواجه تصل إلى بيتنا .
5- احذري من الخطرات ومعناها تحولها من فكرة، إلى همة، إلى عزيمة، إلى إرادة ثم فعل.
6- احفظي مشاعرك نظيفة، وادخريها لشريك العمر الزوج القادم فهو فارس الأحلام الحقيقي قال تعالى :{وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴿21﴾ } سورة الروم ، واعلمي أنك كلما كنت سخية في مشاعرك الخاصة تبذلينها في غير حقها الشرعي فإنها تنتهي وإذا احتجت لها مستقبلا مع زوجك، وأبنائك لن تجديها ؛ لأنها رصيد مخزون واستنفد .
تذكري عقوبات المعاصي :
مقت الله وغضبه ،وعذابه في الآخرة لمن عصاه ،إزالة النعم ، منع إجابة الدعاء، الخوف من الخلق، حقارة النفس ، باب الهم ولعنة الله، الوحشة من الصالحين، ضعف الفهم وصفاء العقل،عقوبة الفواحش في الدنيا والآخرة .
نسأل الله عزوجل أن يملأ قلوبنا بمحبته، والشوق إلى لقائه ، ومحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن يجعل كل محابنا دائرة في فلك رضاه . وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم تسليما كثيراً .